هكذا تؤثر العواصف الترابية على الزراعة في العراق

تقارير |   09:54 - 03/09/2022


بغداد-موازين نيوز

منذ بداية فصل الصيف الجاري شهد العراق موجات متتابعة من العواصف الترابية والرملية تركزت في معظم المحافظات البلاد مسببة وفيات ومئات من حالات الاختناق حيث ظهرت صورة نشرتها وزارة الصحة العراقية على صفحتها بموقع "فيسبوك" اكتظاظ المستشفيات بالمرضى الذين يعانون ضيق في التنفس وحالات اختناق شديدة بسبب العواصف الترابية.
كما تسببت هذه العواصف بإغلاق جميع المطارات الدولية والمحلية وشهدت الأسواق والمحال التجارية إغلاقا بسبب انعدام الرؤية، فيما استنفرت الأجهزة الصحية والمرورية التي طالبت أصحاب الشاحنات والسيارات بعدم التنقل بين المحافظات والشوارع العامة.
ولم يكن المزارعون في العراق، على مسافة بعيدة من الأزمة البيئية، فقد تعرضوا إلى خسارة كبيرة في المحاصيل الزراعية، التي تشهد تضرراً قبل العواصف، بسبب شح المياه، وتعاظم الجفاف جرّاء القطع الممنهج لإيران وتركيا للمياه في بلاد الرافدين.
في حين، أكد خبراء للمرصد العراقي لحقوق الإنسان أن تجريف البساتين والأراضي الزراعية خلال السنوات الماضية، لبناء المنازل والمجمعات التجارية في معظم مدن البلاد، أحد الأسباب التي انعكست على الوضع البيئي والزراعي.
وقال المرصد في بيان، نشره في مايو/ أيار الماضي، إن التوقعات تشير إلى احتمالية حدوث موجات نزوح بسبب الجفاف والعواصف الترابية خاصة من المناطق الجنوبية. كما نقل البيان عن خبراء، تحذيرهم مما  وصفوه بـ"إهمال السلطات" للتغير المناخي في البلاد، وآخر آثاره العواصف الترابية القوية المتكررة، الأمر الذي يضع البلد وسكانه أمام كارثة وشيكة قد تؤدي لموجات نزوح جديدة.
وجاء في البيان إن "92% من مساحة العراق معرضة للتصحر"، مما يؤثر بحسب مراقبين على الواقع الزراعي وشرائح الفلاحين والمزارعين، لا سيما أن نحو 100 ألف دونم زراعي سنوياً من أصل 32 مليون دونماً زراعياً في عموم البلاد، تعرضت إلى "الاستثمار" غير المدروس الذي قضى على نسبة كبيرة من المساحات الزراعية الخضراء في بغداد ومدن أخرى.
في السياق، أشار الخبير بالبيئة في العراق محمود عبدالله، إلى أن "الحكومات العراقية طيلة السنوات الماضية انشغلت بالمشاكل السياسية والأمنية، وأهملت القضايا المصيرية التي أفرزها الواقع البيئي المتردي"، مبيناً أن "العراق قد يكون أكثر بلدان المنطقة العربية تعرضاً لخسارة موارده الزراعية ومحاصيله، مما سيؤدي إلى الاعتماد على الاستيراد من الخارج".
كما طالب عبدالله، الحكومة العراقية عن تحديد ميزانية مالية وموارد صرفها بتخصيص جزء منها لقضايا المناخ بغية تفادي "كارثة تفاقم التغير المناخي"، موضحا أن "العراق خسر خلال السنوات الماضية مئات الدونمات من الأراضي الرزاعية بسبب المشاكل البيئية والمساكن العشوائية".
ويُرجع المختصون تكرار العواصف الترابية إلى قلة الأمطار وازدياد مساحات التصحر والجفاف بسبب التغيرات المناخية التي تعانياها البلاد وتقلص مساحات الزراعة بسبب شحة المياه في نهري دجلة والفرات.
وأكد وكيل وزارة الزراعة العراقية "مهدي سهر" في وقتٍ سابق، ان التغيرات المناخية التي شاهدها العالم بعد ارتفاع درجات الحرارة وانحباس الأمطار، وقلة وتناقص الإيرادات المائية للعراق من دول الجوار انعكس بالمجمل على الوضع البيئي والزراعي.
من جهته، تواصلنا مع ثلاثة مع ثلاثة مزارعين، في محافظات من جنوب البلاد، وأجمعوا على أن "العواصف الترابية وسوء إدارة الحكومة لملف المياه، والتجاوزات على الحصص المائية من قبل مديريات الزراعة في الجنوب، كلها أسباب أدت إلى تدهور الزراعة".
وقال أحدهم، إن "المزارعين باتوا شريحة مهمشة، وتستدعي الرعاية الحكومية، والدعم من قبل وزارة الزراعة التي نعتبرها مقصرة، بعد خسارتنا أراضينا وممتلكاتنا والهجرة نحو المدن".
وتعد محافظة ديالى المرتبطة حدوديا مع إيران الأكثر تضررا من بقية المدن الأخرى بسبب قطع إيران روافد نهر دجلة ما تسبب بانخفاض مناسيب المياه في نهر ديالى عن ٩٠٪، وهو ما دفع وزارة الزراعة العراقية إلى استثناءها من الخطة الزراعية.
ويرى مراقبون بأن استمرار العواصف الترابية وعدم معالجة الأزمة البيئية، قد يفاقم حالة الانهيار الزراعي في العراق، بعد أن كانت بلاد الرافدين من أكثر بلدان المنطقة انتاجاً لمحاصيل كانت تصدر إلى الخارج، بضمنها التمور والحبوب وحتى الفواكه.
وكانت الدائرة الفنية في وزارة البيئة العراقية قد حذرت، في وقت سابق، من ارتفاع عدد الأيام المغبرة إلى (٢٧٢) يوماً في السنة الواحدة، كما رجحت إن تصل (300) يوم مغبر في سنة عام 2050.
وكان وزير البيئة العراقي جاسم الفلاحي، قد أكد في حوار صحفي سابق، أن الحل لأزمة التصحر يكمن في التشجير وإعادة الحياة للأحزمة الخضراء حول المدن العراقية التي تساهم بشكل كبير في منع العواصف والتقليل من مخاطر التلوث والتأثيرات الصحية السلبية".
وأشار إلى أن "وزارة البيئة وزارة رقابية، وتعمل على مراقبة الاتفاقيات الدولية البيئية والمناخية مع العراق، بالإضافة إلى تحديد مواطن الخلل والضعف والتصحر وتدهور الأراضي الزراعية. لكن في الواقع، فإن دائرة الغابات والتصحر التابعة لوزارة الزراعة هي المسؤولة، لكن هذه الدائرة ضعيفة بسبب قيادة الوزارة نفسها".
(سارة العزاوي)
"التقرير بدعم من صندوق الأمم المتحدة للديمقراطية UNDEF ومؤسسة صحفيون من أجل حقوق الإنسان jhr"


اخبار ذات الصلة

image image image
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام