هل أطلق المرجع السيستاني يد الكاظمي للإطاحة بشخصيات سياسية بارزة؟

سياسية |   12:58 - 18/09/2020


بغداد - موازين نيوز

بعد جولة اعتقالات أولى أدارتها لجنة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي المكلّفة بالتحقيق في قضايا الفساد الكبرى أسفرت عن ‏اعتقال عدد من المسؤولين الحكوميين بتهم فساد، تتزايد التساؤلات بشأن جدية الحكومة في توسيع تلك الحملة للإطاحة بشخصيات ‏سياسية بارزة في العراق، في حين يعتبر مراقبون أن توصيات المرجع الديني الشيعي الأعلى السيد علي السيستاني كانت بمثابة ‏‏"تفويض" للكاظمي في إدارة حملة واسعة ضد كل المتورطين بقضايا فساد وقتل.‏
واعتقلت قوة عسكرية خاصة، الثلاثاء 15 سبتمبر (أيلول)، مدير هيئة التقاعد السابق أحمد الساعدي، تمهيداً لعرضه على قاضي ‏تحقيق، وفقاً لمصدر أمني تحدث لوسائل إعلام محلية، إلا أن العمليات لم تتوقف عند هذا الحد، حيث تؤكد مصادر أمنية لوسائل ‏إعلام محلية في 17 سبتمبر، اعتقال رئيس هيئة استثمار بغداد شاكر الزاملي ومدير عام المصرف الزراعي عادل خضير، فضلاً عن ‏اعتقال مدير ومالك شركة (كي كارد) بهاء عبد الحسين في مطار بغداد الدولي، بينما كان ينوي الهرب خارج البلاد. ‏
وتشير التسريبات إلى أن تلك الحملة لن تتوقف عند هذا الحد وستشمل تحركات أخرى لم يتم الإعلان عنها بعد.‏
في غضون ذلك، تؤكد مصادر مقربة من أجواء الحكومة العراقية إلى أن تلك العمليات "مستمرة ولن تستثني أي شخصية يثبت ‏تورطها بملفات فساد مهما كان حجمها". وتضيف المصادر لـ"اندبندنت عربية"، أن ما جرى في اليومين الماضيين "مقدمة لعمليات ‏أوسع ستطال شخصيات أخرى متهمة بقضايا فساد".‏

عدة مسارات لحراك الكاظمي
وتتراوح الترجيحات بشأن احتمالية أن يخوض الكاظمي صداماً مع أحزاب متنفذة وشخصيات سياسية وازنة متهمة بملفات فساد، بين ‏خيارين في أقصى اليمين وأقصى اليسار، فبينما يصف فريق التحركات الأخيرة بأنها "الأولى من نوعها"، وقد تمثّل "مقدمة" لحراك ‏أكبر يشمل قادة سياسيين بارزين، يتوقع فريق آخر أن تكون "التسويات السياسية" خيار الكاظمي الرئيس في محاولة لقيادة "فترة ‏هادئة" تمكنه من ترتيب أجواء آمنة قبيل الانتخابات المبكرة وعدم الخوض في صدامات قد لا يتمكن من "إدارة أدواتها"، وهو ما ‏يشير له أستاذ العلوم السياسية إياد العنبر.‏
ويضيف العنبر لـ"اندبندنت عربية"، أي خطة لمكافحة الفساد من خلال "لجان صادرة بقرار سياسي يعني أن التسويات السياسية هي ‏التي ستتحكم بمساراتها"، في إشارة إلى "لجنة التحقيق بقضايا الفساد والجرائم الهامة" التي شكلها الكاظمي في 3 سبتمبر الجاري.‏
ويتابع العنبر، "المنظومة السياسية لن تسمح لأي شخص بمخالفة قواعد اللعبة فيها"، لافتاً إلى أن محاربة الفساد يجب أن تتم من ‏خلال "القضاء وهيئة النزاهة والمدعي العام، وألا تخضع للتسويات السياسية".‏
ويرجح العنبر أن تكون تلك التحركات الأخيرة "دعائية" أكثر من كونها "حاسمة في مواجهة حيتان الفساد"، مبيناً أن القضية ربما ‏ستحصر "في إطار التحشيد والترويج للانتخابات المقبلة من قبل الفريق الحكومي".‏
أما رئيس مركز "كلواذا" للدراسات باسل حسين، فيرى أنه "على الرغم من عدم اتضاح ملامح تحركات الكاظمي ومدى إمكانية أن ‏تطيح بحيتان كبيرة من قادة الحراك السياسي، إلا أنها تعد الأولى من نوعها في التصدي للفساد".‏
ويشير حسين في حديث لـ"اندبندنت عربية"، إلى أن بيان السيد السيستاني الأخير أعطى "دعماً مفتوحاً" للجنة مكافحة الفساد، مردفاً ‏‏"تجلى هذا الدعم بشكل واضح إثر تصاعد فاعلية اللجنة وإصدارها أوامر قبض بحق متهمين بالفساد".‏
ويرجح حسين أن تكون التحركات الأخيرة للكاظمي "التي طالت أطرافاً مقربة من المالكي أو من ائتلاف دولة القانون"، هي التي ‏دفعت الأخير للذهاب إلى طهران لـ"مناقشة الموقف من حكومة الكاظمي فضلاً عن القضايا الاخرى المرتبطة بالانتخابات المبكرة".‏

تسوية على "مقاس الكاظمي" ‏
في مقابل تلك المسارات، يطرح الباحث في الشأن السياسي هشام الموزاني مساراً ثالثاً لتحركات رئيس الحكومة في إطار مكافحة ‏الفساد، يسير وفق "استراتيجية تأجيل الصدام" وليس إلغاءه، من خلال "محاولات ترميم القوات الأمنية وضخ دماء جديدة على رأس ‏قيادات المفاصل الرئيسة فيها"، قبل الشروع بأي مواجهة محتملة مع قادة أحزاب أو فصائل مسلحة، مبيناً أن حديث المرجعية الأخير ‏وضغط الشارع يحتمان على الكاظمي اتخاذ خطوات "مقنعة وحقيقية".‏
ويضيف الموزاني في حديث لـ"اندبندنت عربية"، تكرار تجربة اعتقال "خلية الكاتيوشا"، ستكون عواقبها وخيمة على حكومة ‏الكاظمي، لافتاً إلى أن هذا الأمر "يجب أن يكون في حسابات الحكومة في حال أقدمت على تحركات أوسع".‏
ويشير إلى أن، استراتيجية الكاظمي قد تشتمل على محاولات "ضرب شخصيات ثانوية متورطة بقضايا فساد لكسب ود الشارع ‏العراقي وإعطاء الحكومة زخماً لترميم أدواتها الأمنية للشروع بمواجهة أوسع"، مستدركاً، أن تلك المواجهة المفترضة قد لا يكون ‏هدفها الرئيس "إسقاط شخصيات بأعلى هرم السياسية بقدر صناعة تسوية على مقاسات رئيس الحكومة وليست على مقاس الأحزاب".‏

‏"مناصب وسطية" وإصلاحات اقتصادية
وتبين طبيعة الشخصيات التي تم اعتقالها أو تسربت معلومات عن ملاحقتها، أن الحملة ربما ستكتفي باستهداف "المناصب الوسطية" ‏في الدولة.‏
وترتبط تلك الشخصيات بهيئات ومصارف ومناصب أخرى على صلة بحركة الأموال والرواتب والمشاريع الاقتصادية، بالتزامن مع ‏إعلان الحكومة تشكيل لجنة لتدقيق أعداد الموظفين في دوائر ومؤسسات الدولة.‏
ويعطي ذلك انطباعاً بأن الحملة ربما ترتبط بـ"محاولات إقناع الأطراف الدولية بأن الحكومة عازمة على إجراء إصلاحات اقتصادية ‏للحصول على قروض تمكنها من تجاوز الأزمة المالية"، وهو ما يشير له  الصحافي العراقي أحمد الزبيدي.‏
ولا يستبعد الزبيدي أن تتسع الحملة لتطال "شخصيات أخرى بما يتعلق بإدارة الملف الاقتصادي والمالي"، لكنه لا يعتقد أن تشمل ‏الحملة زعامات سياسية دون صناعة تفاهمات مسبقة وتحالفات مع قوى سياسية رئيسة تمكنه من تقديم "أكباش فداء" في حملته.‏
ويشير إلى أن "آخر ما يفكر فيه الكاظمي بالفترة الحالية هو فتح أكثر من جبهة، حيث يدرك أن أي ذلك يضع عراقيل أمام رئيس ‏الحكومة في ظل أزمات معقدة شائكة يواجهها فريقه على المستويات الأمنية والسياسية والاقتصادية".‏

تفويض المرجع السيستاني ‏
وتأتي حملة الاعتقالات هذه بعد أيام قليلة من توجيهات أصدرها المرجع الديني الشيعي الأعلى علي السيستاني، طالب فيها الحكومة ‏العراقية باتخاذ إجراءات لمكافحة الفساد ومحاسبة المتورطين بقضايا قتل، الأمر الذي عده مراقبون "تفويضاً" لحكومة الكاظمي في ‏إدارة تلك الحملة.‏
ويقول الشريفي، إن توجيهات المرجع السيستاني "أطلقت يد لجنة مكافحة الفساد ومثلت تفويضاً واضحاً لإدارة حملة على المتورطين ‏بقضايا فساد وقتل وإرهاب"، مشيراً إلى أن لقاء المرجع الأعلى بممثلة الأمم المتحدة في العراق جينين هينيس - بلاسخارت كان بمثابة ‏‏"تفويض للإرادة الدولية بإجراء التغييرات في حال فشل الفاعل العراقي على اتخاذ خطوات جريئة". ‏
ويوضح الشريفي، أن "ما دفع السيستاني للتدخل هو عدم اقتناعه بأداء الكاظمي في إدارة تلك الملفات"، مبيناً أن تبريرات الكاظمي ‏باعتماد "أسلوب ناعم" في التصدي للأحزاب المتورطة بقضايا فساد وقتل "غير مقنعة للمرجعية".‏
ويختم أن "السقف الزمني القصير وحالة التأييد التي يحظى بها الكاظمي يفترض أن تكون دافعاً للحكومة للشروع بحملة أكبر وعدم ‏الاعتماد على خطط طويلة الأمد".انتهى29/6ن


اخبار ذات الصلة

image image image
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام